ذلك، فمنهم من قال بالتخيير بين القصر والإتمام، ومنهم من شرط الرجوع ليومه وهو ظاهر كلام شيخ الطائفة في التهذيب (1)، ومنهم من لم يشترط الرجوع ليومه، ومنهم من رجح التقصير فيها، ومنهم من رجح الإتمام إذا لم يرد الرجوع ليومه.
وأقوالهم في ذلك منتشرة مضطربة، فكيف حال من ليس له قوة الاستدلال كما مثلنا من القاصرين المقلدين، والأخبار الكثيرة كأنها مطرحة بتعين التقصير على قاصد البريد وهو الأربعة فراسخ، لأن بعضها بريد لاغير وفي بعضها اثنا عشر ميلا، والأخبار:
منها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ (2) وهي مطلقة كما ترى خالية عن قيد الرجوع. وصحيحة إسماعيل بن الفضل (3) قريب منها. وصحيحة زيد الشحام (4) فيها: إثنا عشر [ميلا]. وحسنة أبي أيوب (5) لا تزيد على البريد.
وفي كتاب من لا يحضره الفقيه قال: لما نزل جبرئيل بالتقصير قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في كم ذلك؟ قال: في بريد (6).
فهذه الأخبار اقتصر فيها على تقدير أقصر مسافة يجب القصر على قطعها ذهابا وإيابا.
وأما الأخبار التي رسالتي اشتملت على التقدير والبيان:
فمنها: صحيحة زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التقصير؟ فقال:
بريد ذاهب وبريد جائي، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أتى ذبابا قصر، وذباب على بريد، وإنما فعل ذلك لأ نه إذا رجع كان سفره بريدين (7). وقريب منها صحيحة معاوية.
وكذلك رواية سليمان بن حفص المروزي (8) وهي مصرحة بضم الإياب إلى الذهاب وبأن سفرهما واحد.
وليس في هذه الأخبار تعرض لتقييد الرجوع بيوم الذهاب ولا بليله، وكيف