أم عرضا بسيطا كان أم مركبا، وأ نه تعالى جل ذكره لا قديم إلا هو، وأ نه واجب الوجود لذاته، وأ نه عالم حي سميع بصير غني أزلي أبدي مريد كاره متكلم صادق، منزه عن الجوهرية والعرضية وجميع لوازمها، وأ نه واحد أحد بريء عن الشريك والانقسام الذهني والخارجي، وأن قدرته وعلمه يعمان كل مقدور ومعلوم، وأ نه لا يتحد لغيره، وأن صفاته عين ذاته، كما أشار إليه مولانا أمير المؤمنين سلام الله عليه " من تمام توحيده نفي الصفات عنه " (1) وأن كلامه حروف وأصوات مخلوقة مقروءة مسموعة موسومة بالحدوث، وأ نه تعالى منزه عن الإدراك بالبصر في الآخرة، وأن كنه ذاته مما لا تصل إليه أيدي العقول والأفكار.
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، بشهادة كل صفة بأنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه وتعالى فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله (2).
والأخبار الواردة في التوحيد أكثر من أن تحصى:
منها: ما رواه ثقة الإسلام في الكافي بسند حسن - على اصطلاح المتأخرين - عن ابن أبي عمير قال دخلت على سيدي موسى (عليه السلام) فقلت: يا بن رسول الله علمني التوحيد، فقال: يا محمد لا تتجاوز في التوحيد ما ذكره الله في كتابه فتهلك، واعلم أن الله تبارك وتعالى واحد أحد صمد لم يلد فيورث ولم يولد فيشارك، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا شريكا، وأ نه الحي الذي لا يموت، والقادر الذي لا يعجز، والقاهر الذي لا يغلب، والحكيم الذي لا يعجل، والدائم الذي لا يبيد، والباقي الذي لا يفنى، والثابت الذي لا يزول، والغني الذي لا يفتقر، والعزيز الذي لا يذل، والعالم الذي لا يجهل، والعدل الذي لا يجور، والجواد الذي لا يبخل، وأ نه لا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام، ولا يحيط به الأفكار، ولا يحويه مكان، ولا تدركه الأبصار