الاستدلال، ولو راجع أصلا صحيحا عنده في معاني الألفاظ جاز، وتدخل فيه معرفة النحو والتصريف، لأن الشرع عربي لا يتم إلا بمعرفتهما، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وثانيها: أن يكون عارفا بمراد الله تعالى من اللفظ، وإنما يتم ذلك لو عرف أنه لا يخاطب بما لا يفهم معناه ولا بما يريد به خلاف ظاهره من غير بيان، وإنما يتم ذلك لو عرف أنه تعالى حكيم، وهو يتوقف على علمه تعالى بالقبيح وباستغنائه عنه والعلم بصدق الرسول (عليه السلام) وأصول قواعد الكلام.
وثالثها: أن يكون عارفا بالأحاديث الدالة على الأحكام إما بالحفظ أو بالرجوع إلى أصل صحيح، وأحوال الرجال ليعرف صحيح الأخبار من معتلها، ويعرف أيضا من الكتاب ما تستفاد منه الأحكام وهو خمسمائة آية، ولا يشترط حفظها بل معرفة دلالتها ومواضعها بحيث يجدها عند طلبها.
ورابعها: أن يكون عارفا بالإجماع ومواقعه بحيث لا يفتي بما يخالفه.
وخامسها: أن يعرف أدلة العقل كالبراءة الأصلية والاستصحاب وغيرهما.
وسادسها: أن يعرف شرائط البرهان.
وسابعها: أن يعرف الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد وغيرها من طرق الأحكام.
وثامنها: أن تكون له قوة استنباط الأحكام الفرعية من المسائل الأصولية (1) وذكر: الأمارتان إن تعادلتا في حكم واحد وتنافى الفعلان جاز، كتوجه المصلي إلى جهتين غلب على ظنه أنهما جهتا القبلة، فالحكم وهو الوجوب واحد فيتخير المجتهد. وإن اتحد الفعل وتنافى الحكم كالأمارة الدالة على قبح الفعل والأمارة الدالة على وجوبه أو جوازه، فمنع قوم منه شرعا وإن جاز عقلا.
أما الجواز فلإمكان إخبار عدلين بحكمين متنافيين وأما عدم الوقوع فلأن العمل بهما يقتضي وجوب الفعل وتحريمه على مكلف واحد، وتركهما يقتضي