هذا مقتضى الخيالات الأصولية التي قد تصيب وقد تخطئ كما هنا. والحق أن حكم الأهلة الثلاثة واحد، وكلها داخل تحت القاعدة الشريفة المتواترة وهي قولهم (عليهم السلام): " لا ينقض يقينا بشك أبدا وإنما ينقضه بيقين آخر " (1) فيحكم ببقاء الشهر الأول إلى أن يحصل اليقين بما يوجب شرعا الحكم بدخول الشهر الثاني كشهادة عدلين أو إخبار صبي مفيد لليقين بقرينة مقامية. وأما أمرهم (عليهم السلام) بتكرير أعمال ليلة القدر إذا اشتبه الهلال بالغيم (2) فهو كأمرهم (عليهم السلام) بصوم يوم الشك بنية شعبان (3).
ولا يدل على مشروعية الوقوف بعرفة مثلا يوم الثامن إذا اشتبه الهلال احتياطا لا بطريق الوجوب ولا بطريق الاستحباب، كما لا يدل على مشروعية صلاة العيد يوم التاسع مثلا احتياطا، إذ ليس وقوف مطلوب شرعا يوم الثامن ولا صلاة عيد يوم التاسع. بخلاف أعمال ليلة القدر، فإنها مشروعة في غير ليلة القدر. وبخلاف الصوم فإنه مشروع في سلخ شعبان أيضا. ويحتاط في مسألة المسافة بالجمع بين القصر والإتمام، كما يحتاط في مسألة بلوغ الماء قدر الكر بالاجتناب عنه والتيمم.
ويتوقف في مسألة بلوغ الإبل البعيدة عنه قدر النصاب ليظهر حقيقة الحال. والحديث
____________________
الواجب إلا مع ظن الضرر، لأن الوجوب متحقق ولم يثبت ما ينافيه بوجه. والمصنف حكم هنا بالبناء على عدم الإضرار مع الحيرة على الإطلاق، وهو لا يتم إلا إذا لم يحصل ظن الضرر معها.
وأما تقدير الحصرم ما دام على الكرم فلا يمكن العلم به إلا إذا علم بحسب العادة تجاوزه قدر النصاب، وبدون ذلك يمكن الاحتياط بإخراج القدر الواجب مما يحتمل فيه بلوغ النصاب أو يرجع إلى الأصل من عدم الوجوب ما لم يتحقق بلوغ قدر النصاب.
وأما تقدير الحصرم ما دام على الكرم فلا يمكن العلم به إلا إذا علم بحسب العادة تجاوزه قدر النصاب، وبدون ذلك يمكن الاحتياط بإخراج القدر الواجب مما يحتمل فيه بلوغ النصاب أو يرجع إلى الأصل من عدم الوجوب ما لم يتحقق بلوغ قدر النصاب.