إذ يبعد من الشيخ كل البعد إرادة ما دلت عليه العبارة بظاهرها أن يكون قوله أخيرا " وإن هلك بعد الثلاثة أيام " إنما هو بالنسبة إلى صورة عدم القبض، فيكون قسيما لقوله فإن هلك المتاع في هذه الثلاثة، ولم يكن قبضه إياه كان من مال البايع دون مال المبتاع، وإن هلك بعدها كان من مال البايع على كل حال. يعني أنه أولى بأن يكون من مال البايع لمضي الثلاثة القاطعة لتعلق المشتري به بخلاف ما إذا كان في ضمن الثلاثة التي هو فيها مال المشتري، ويكون جملة وإن كان قبضه إياه ثم هلك إلى آخره متوسطة بين الجملتين المتعاطفتين.
السابع قال في المختلف أيضا لم يفرق الشيخان وأتباعهما بين الحيوان وغيره في التربص ثلاثة أيام، وقال في المقنع إذا اشترى رجل من رجل جارية فقال أجيئك بالثمن، فإن جاء فيما بينه وبين شهر وإلا فلا بيع له، وإذا اشترى ما يفسد من يومه كالبقول فإن جاء ما بينه وبين الليل وإلا فلا بيع له، وإذا اشترى ما لا يفسد من يومه فإن جاء فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له. انتهى.
ليس في كلام المقنع رحمه الله هنا مما يدل على مخالفة الأصحاب في هذه المسألة بالنسبة إلى الحيوان، لأن قوله " وإذا اشترى ما لا يفسد " إلى آخره شامل للحيوان وغيره وقوله " إذا اشترى رجل جارية " إلى آخره لا يدخل على أن هذا خيار الحيوان بجميع أفراده بأن يحمل ذكر الجارية على التمثيل.
وإنما هذا فتوى برواية علي بن يقطين (1) المتقدمة المشتملة على هذا الحكم المخصوص بالجارية إذ يبعد منه رحمه الله اطراح أخبار الثلاثة الواردة في خيار الحيوان (2) مع تعددها وصحتها، والاقتصار على هذا الخبر الشاذ النادر مع عدم ظهوره في العموم.