أن مستند الصدوق فيما تقدم نقله عنه هو رواية أبي بصير المذكورة، حيث إنها دلت على النهي عن شراء الزرع قبل أن يسنبل إلا أن تشتريه للقصل، فإنه يجوز وإن تركه بعد ذلك حتى يسنبل، وأنت خبير بأنها معارضة بجملة مما تقدم من أخبار المسألة، مثل صحيحة الحلبي أو حسنته، ورواية بكير بن أعين ورواية زرارة الأولى والثانية ونحوها، فإنها قد اشتركت في الدلالة على جواز الشراء قبل أن يسنبل، وإن لم يقصد قصله، بل ظاهر صحيحة الحلبي أو حسنته تجويز شرائه بقصد بقائه حتى يحصد، أو بقصد قطعه لعلف الدواب.
وبالجملة فإن الظاهر هو القول المشهور، والرواية المذكورة لا تبلغ قوة في معارضة ما ذكرنا من الأخبار، ولم أقف على من تعرض للجواب عنها، بل قل من نقل خلاف الصدوق في هذا المقام، ولا يحضرني الآن وجه للجواب عن الرواية المذكورة، إلا الحمل على الكراهة، بناء على قواعد الأصحاب في هذا الباب.
الثاني ما دل عليه موثقة سماعة الأول من أنه متى اشتراه قصيلا ثم يبدو له في تركه حتى يخرج سنبله، فإنه لا يجوز ذلك إلا أن يكون اشترط الابقاء، أو الاختيار بين قطعه وابقائه، وإلا فلا يجوز له أن يتركه هو مستند الأصحاب فيما قدمنا نقله عنهم من أنه متى بيع لأجل القصل فإنه يجب إزالته على الوجه المتقدم، مضافا إلى الأخبار العامة في منع التعدي والتصرف في ملك الغير بغير الوجه المشروع.
وأما الرضا بذلك وأخذ الأجرة على بقائه تلك المدة فيستفاد من أدلة آخر في أمثاله، ولفظ لا ينبغي في الخبر المذكور مراد به التحريم، كما هو شايع الاستعمال في الأخبار.
الثالث ما دل عليه موثق معاوية بن عمار من النهي عن شراء الزرع ما لم