عندهم كهذه الغروش التي في بلدان الروم، والطويلة التي في بلاد الأحساء، فإنها من الصفر الملبس بالفضة، فلا بأس بالمعاملة بها وانفاقها، وما عدا ذلك، فلا يجوز انفاقه إلا مع الاعلام بحاله، كما تقدم نقله عن العلامة في آخر عبارته المتقدمة، وعلى هذا حمل الشيخ خبر المفضل المذكور.
ويدل على ذلك صريحا ما رواه في التهذيب عن جعفر بن عيسى (1) " قال: كتبت إلى أبي الحسن الأول (عليه السلام): ما تقول: جعلت فداك في الدارهم التي أعلم أنها لا تجوز بين المسلمين إلا بوضيعة، تصير إلى من بعضهم بغير وضيعة لجهلي به، وإنما أخذته على أنه جيد، أيجوز لي أن آخذه وأخرجه من يدي إليه على حد ما صار إلى من قبلهم؟ فكتب (عليه السلام): لا يحل ذلك، وكتبت إليه: جعلت فداك هل يجوز إن وصلت إلى رده على صاحبه من غير معرفته به أو ابداله منه، وهو لا يدري أني أبدله منه وأورده عليه؟ فكتب (عليه السلام) لا يجوز ".
ومما ذكرنا يظهر ما في كلام المحقق الأردبيلي (طاب ثراه) في هذا المقام من النظر الظاهر لذوي الأفهام، وذلك في موضعين: أحدهما أنه قال في سابق هذه المسألة بعد بيان حكمها ما صورته: وفي الأخبار الكثيرة المعتبرة أنه يجوز بيعه بمثل ما فيه إن كان الغلب هو أو الغش بحيث يطلق عليه اسم ذلك، فالظاهر أن المراد أن أحدهما مضمحل ولا قيمة له، ثم استدل بحسنة عمر بن يزيد الأولى من الروايات المتقدمة، ورواية علي بن رئاب عن محمد بن مسلم وصحيحة عبد الرحمان الحجاج الواردة في الأسرب، وروايته الأخرى الواردة أيضا فيه.
وأنت خبير بما قدمنا تحقيقه أن المراد من روايتي عمر بن يزيد وعلي بن رئاب المذكورتين في كلامه إنما هو انفاق الدراهم المغشوشة في المعاملة في غير ما يدخل في الربا بالصرف، وإن كان الغش كثيرا كما صرح به (عليه السلام) في رواية