ووجه الثاني بصدق المكيل والموزون على ذلك في الجملة، قالوا: إنه قد ثبت أن أربعة كانت مكيلة في عهده (صلى الله عليه وآله) وهي الحنطة والشعير والتمر والملح، نقل عليه في التذكرة اجماع الأمة، فلا يباع بعضها ببعض إلا كيلا وإن اختلف في الوزن، واستثنى في التذكرة ما يتجافى منه في المكيال، كالقطع الكبار من الملح، فيباع وزنا لذلك، وما عداها إن ثبت له في عهده (صلى الله عليه وآله) أحد الأمرين وإلا رجع إلى عادة البلد.
ولو عرف أنه كان مقدرا في عهده (صلى الله عليه وآله) وجهل اعتباره بأحدهما قالوا: احتمل التخيير، وتعين الوزن، لأنه أضبط واختاره في التذكرة، واستحسنه في المسالك.
أقول: وفي حكم الأربعة المذكورة في الاتفاق على كونهما من المكيل في عهده (صلى الله عليه وآله) الدنانير والدراهم وكونهما موزونة، لاتفاق الأمة كما ذكره في التذكرة أيضا على ثبوت الربا في هذه الستة أعني الأربعة المتقدمة مع هذين، ومن الظاهر أن هذين ليست من المكيل، فليس إلا أنهما موزونة، ويعضده استفاضة الأخبار بأنهما من الموزون في عصرهم (عليهم السلام).
ثم أقول: لا يخفى أن جميع الحبوب من حنطة وشعير وأرز وعدس وماش والتمر والرطب ونحوها وما يتفرع من كل منها وكذا الألبان والأدهان ونحوها في هذه الأزمنة المتأخرة إنما تباع بالوزن، والكيل الذي كان أولا غير معمول عليه بين الناس بالكلية، فيشكل الحكم في هذه الأجناس الأربعة التي اتفقوا على كونها مكيلة في عصره (صلى الله عليه وآله) باعتبار بيعها وزنا، حيث إنهم صرحوا بأن ما كان مكيلا لا يجوز بيعه بغير الكيل، وكذا الموزون مع قطع النظر عن حصول الربا وعدمه وهكذا يجري في باب الربا أيضا، وقد صرح في التذكرة بأنه لا يجوز بيع شئ من المكيل بشئ من جنسها وزنا بوزن وإن تساويا.
نعم نقل في المسالك عن بعضهم أنه نقل الاجماع على جواز بيع الحنطة