أنه تبع في هذا المقام المحقق الأردبيلي حيث أشار إلى ذلك فقال بعد نقل روايتي عمرو بن جميع وزرارة ومحمد بن مسلم ونقل دعوى المرتضى الاجماع ما ملخصه: والاجماع غير ظاهر، ولهذا ذهب السيد إلى الثبوت، وقال: معنى نفي الربا نهي مثل " لا رفث ولا فسوق ولا جدال " وابن الجنيد ذهب إلى عدم الثبوت من جانب الواد فقط، والحديث غير صحيح، وعموم أدلة التحريم قول، ويمكن أن يقال: لا ربا بين الرجل وولده بمعنى جواز أخذ الوالد من مال ولده لا العكس، ويؤيد بأخبار أخر مثل أن الولد وماله لوالده. انتهى.
وفيه أولا ما عرفت آنفا، وثانيا أن الاستناد في عدم ظهور الاجماع إلى كلام المرتضى المذكور عجب منه (قدس سره) فإن المرتضى قد عدل عن هذا الكلام بعد ظهور الاجماع له، كما صرح به في كلامه المتقدم، وهو مؤذن بأن قوله بهذا القول وقع غفلة وذهولا عن ملاحظة الاجماع، فلما انكشف له ثبوت الاجماع عدل عنه إلى قول المشهور فصار هذا الكلام في حكم العدم، فكيف يصلح لأن يطعن به على دعوى الاجماع.
وثالثا أن ما ادعاه من حمل نفي الربا بين الوالد والولد على الصورة المذكورة مستندا إلى الأخبار المشار إليها مردود بما حققناه في تلك المسألة، من أن هذه الأخبار على ظاهرها مخالفة للعقل والنقل، كتابا وسنة، مع معارضتها بغيرها، وبينا أنها إنما خرجت مخرج التقية، فلا اعتماد عليها في حد ذاتها فضلا عما ذكره هنا.
وبالجملة فإن مناقشة في المقام بعد ما عرفت من أخبارهم (عليهم السلام) واتفاق الأصحاب على العمل بها قديما وحديثا مما لا ينبغي أن يصغى إليها، ولا يعرج في مقام التحقيق عليها، ولم يبق إلا خلاف ابن الجنيد، وضعفه كساير أقواله التي ينفرد بها أظهر من أن يذكر، وأقواله غالبا لا يخرج عن مذهب العامة، ولهذا صرح جملة من علماء الرجال باطراح أقواله لعمله بالقياس المتفق على النهي عنه في الشريعة نصا وفتوى، مع ظهور الأخبار المذكورة في رده، فنقل المحقق المذكور