الاعتباري (1)، فليس التحريك والبعث من الدواعي، بل الدواعي تكون خارجة عن الموضوع له، فإذا قال: * (إهدنا الصراط المستقيم) * فهو بالنسبة إلى حدوث الهداية وإحداثها بعث، وأما بالنسبة إلى إدامة الهداية وإبقائها فلا يكون بعثا، بل هو من الدواعي، كداعي التعجيز إذا بعث بقوله: * (فأتوا بسورة من مثله) * (2) إلى الإتيان بها، فإنه بعث إلى المادة بداعي التعجيز، ولا يكون هذا البعث واقعيا، أي موافقا للجد، وإلا فهو موافق للاستعمال، أي للإرادة الاستعمالية، ولا يلزم المجازية.
فعلى هذا لا يلزم أن يكتفي القارئ - في طلب الهداية - أن يبعث مولاه إلى إحداثها أو إدامتها، فإذا كان من الضالين والمضلين فطلب الهداية حقيقي، وإذا كان من المهتدين فطلبها بالنسبة إلى المرتبة الموجودة له غير حقيقي، ويكون بداعي إبقائها.
بل له أن يلاحظ الأمرين: أصل الهداية وكمالها، فيطلب ويبعث مولاه نحو أصل الهداية من الضلالة ونحو إبقائها، من غير لزوم كون الهيئة مستعملة في الأكثر من واحد.
وربما يمكن توهم امتناع ذلك، لأنه لا معنى لاعتبار البقاء والدوام إلا بعد حدوثها، فلابد وأن تحدث الهداية أولا ولو إنشاء، ثم يعتبر بقائها. ولكنه مغبون عند التحقيق، لأن الاعتبار خفيف المؤونة، فلاحظ وتدبر جيدا.