المسألة يأتي في بعض المواقف الأخر إن شاء الله تعالى.
وإجماله: أن الأشعري يدعي أن كل شئ أو كل فعل مستند إليه تعالى، فلا اختيار للعبد ولسائر العلل المتوسطة، ولا علية لغيره تعالى، والمعتزلي يدعي عكسه، ويقول: إن الله خلق الخلق وفوض أمرهم إليهم، من غير دخالة له في أمورهم نفيا أو إثباتا.
والإمامي على حسب الآيات والأخبار (1)، وعلى مقتضى البراهين العقلية والدلائل اليقينية، يقول بالأمر بين الأمرين، فلا يكون العبد فاعلا مستقلا ولا غير مداخل في فعله، بل هو فاعل غير مستقل، والحق تعالى أيضا لا يكون مصدرا قريبا وتهيئيا ولا منعزلا، بل إرادته وقدرته نافذة في كل شئ، وإلى هذه المائدة الملكوتية والحقيقة الإيمانية يشير قوله تعالى:
* (ومما رزقناهم ينفقون) * فإنه تعالى نسب إلى نفسه ما يكتسبونه بأياديهم، ونسب إليهم الإنفاق، وحيث لا تفصيل بين الأفعال، ولا يقول أحد: بأن بعضا من الأفعال مستند إليه تعالى محضا، وبعض منها إلى العبد محضا، فلابد من أن يتعين الأمر بين الأمرين حتى يصح الاستناد إلى الله تعالى حقيقة وإلى العباد واقعا، فما جمعوه من الأموال قد رزقهم الله تعالى، وما أنفقوه منها فهو بإرادته وقدرته الأزلية الأبدية البتة.