لا يعد من النعوت الحسنة، بل هو مذموم، ويكون من الإيمان المستودع أو أسوأ حالا منه، فتكون الآية مشعرة بأن الإيمان والاعتقاد الجازم والتصديق بالغيب والعلم به وعقد القلب عليه، من الأمور القابلة للبقاء وتصلح لأن تبقى، مع أن قضية عموم التبدل والتغير والحركة يضاد ذلك ويمانعه. والدليل على عموم الحركة والتبدلات موكول إلى محله (1).
وإجماله: أن الأشياء المادية والصور المنطبعة في المواد دائمة التدرج إلى الكمال ودائمة الخروج من النقص والقوة إلى الفعلية، والعلم إن كان ماديا - كما عليه الماديون - فهو من جملة العالم الخارج على الدوام من الهيولي إلى الصورة، وإن كان من المجرد فهو ليس من المجردات المفارقة المحضة، بل هو من المتعلقات بالمادة والصورة المنطبعة، فتسري إليها الحركة، ويكون مقتضى برهان الحركة الجوهرية، خروج كل شئ من هذه الأمور - إما بالذات أو بالتبع - من القوة إلى الفعلية، ومن الأشياء المتدرجة إلى الكمال هي النفوس المتعلقة بالأبدان، فإنها دائمة الحركة، وحركاتها طبعية ذاتية، ويتبعها في الحركة سائر أوصافها وكمالاتها من الصور العلمية وغيرها.
فالإيمان بالغيب - وهو العلم به علما راسخا في القلب - دائم التحرك والتبدل، فكيف هو يبقى حتى يصح المدح عليه؟!
أقول: البحث بالتفصيل حول هذه المسائل يأتي في المواضع الاخر - إن شاء الله تعالى - والذي هو اللازم الإشارة إليه هو أن النفس وأوصافها