وإن شئت قلت: إن الصلاة كانت مفروضة قبل نزول الآية الشريفة المشار إليها في سورة الإسراء، فقوله: * (أقم الصلاة) * يفيد لزوم الإدامة عند كل دلوك.
والإنصاف: أن معنى الإقامة - حسب المتبادر منها - ليست هي الإدامة، وإن كانت بمعناها لغة، بل الإقامة متخذة من القيام، واستعيرت للصلاة، لما فيها من القيام، لقول المصلي في الإقامة: " قد قامت الصلاة " ، وتكون حسب المفهوم منها - كما عرفت تفصيله - هي التعديل والإتيان بها على صفة العدالة والاستواء والاستقامة، وكأن الصلاة هي الصراط المأمور بالاستقامة عليه وإقامته وتعديله الذي مر في قوله تعالى:
* (إهدنا الصراط المستقيم) *.
ثم من العجيب توهم بعض المفسرين: بأن المراد من إقامة الصلاة هي الإتيان بالإقامة المصطلحة للصلاة، ثم شرع في أحكام الإقامة والصلاة وآدابهما بما لا يرجع إلى محصل (1). هذا، مع أن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإنفاق مما رزقناهم من باب واحد قطعا، نعم هناك خصوصية في التعبير عن الإتيان بالصلاة بقوله * (يقيمون الصلاة) * وقد عرفت حالها.
ثم إنه لو سلمنا وتنزلنا عن ذلك، وقلنا: إن الإقامة هي الإدامة، فلنا دعوى دلالتها على لزوم أو رجحان إدامة الصلاة التي اشتغل بها، دون الإدامة المقصودة، وهي تكرارها في كل يوم.
وعلى هذا يسقط الاستدلال بقوله تعالى: * (الذين هم على صلاتهم