أعم منه ومن المملوكات العرفية فيلزم اتحاد معنى قوله: رزقناهم، وقوله:
أعطيناهم وبذلنا لهم، وهذا خلاف الأصل وخلاف المتبادر منه، فالرزق حسب الظاهر هي الحصة الخاصة من الأشياء التي ينتفع منها، وتلك الحصة هي التي تختص بالمرزوق، فيلزم كون الآية مجازا.
اللهم إلا أن يقال: بأن الرزق هو الشئ الخاص، الذي يكون مورد التمكن والاختيار والإعطاء والبذل، فهو أعم من هذه الجهة.
ومما يؤيد كونه هي الحصة الخاصة قوله تعالى: * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) * (1)، فالرزق كأنه ما ينتفع به من كل شئ، انتفاعا يعيش به ويديم حياته، لا مطلق الانتفاع حتى يعد الإنفاق من أنحاء الانتفاعات.
ومن هنا تنحل معضلة المتكلمين ثانيا، وهو أن يقال: إن حقيقة الرزق إذا كانت ما قررناه، فقوله تعالى: * (ومما رزقناهم) * يكون معناه: أي ومما مكناهم من أن ينتفعوا به ويستفيدوا منه ينفقون، أي إن ما بحسب الصورة يكون مختصا بهم، وبحسب خيالهم خاصا لهم. ينفقون في سبيل الله ولو كان بهم خصاصة، فإذا أنفقوا ما هو بظاهره رزقهم في سبيل الله - مثلا - فهو رزق غيرهم حقيقة وواقعا.
أو يقال: إن الرزق إذا كان أعم لا تدل الآية على أخصيته، لأنها لأجل كونها في مقام المدح منصرفة إلى الرزق الحلال، فلا تخلط.
وإن شئت قلت: لو كان الرزق أعم من الحلال حسب اللغة، ولكن