تعالى، والاستعاذة القولية إخبار بهذا الالتجاء، والاستعاذة الفعلية نفس ذلك الالتجاء والفرار.
والتسمية إلى قوله: * (مالك يوم الدين) * إشارة إلى السفر من الحق إلى الحق، فإن التسمية إخبار بالاتصاف بصفاته تعالى، وما بعده إلى * (مالك يوم الدين) * إعلام بحركة السالك في صفات الحق تعالى إلى ظهور مالكيته وفناء العبد في ذاته، وهذا السفر حركة في صفات الحق تعالى إلى فناء العبد.
وقوله: * (إياك نعبد وإياك نستعين) * إشارة إلى السفر بالحق في الحق، لأن مالكيته تعالى لا تظهر إلا إذا صار العبد فانيا من فعله ووصفه وذاته، وبفناء ذاته يتم عبوديته، وبعد كمال عبوديته لا يكون سيره إلا إلى الحق المطلق، ولا يكون إلا بالحق لعدم ذات له.
وقوله تعالى: * (إهدنا الصراط المستقيم) * إشارة إلى السفر بالحق في الخلق، وهذا هو الرجعة الاختيارية في العالم الصغير، والبقاء بعد الفناء والصحو بعد المحو، وينبغي أن يكون هذا السفر بحفظ الوحدة في الكثرات، والصراط المستقيم في هذا السفر هو محفوظية الوحدة في الكثرة، بحيث لاتغلب إحداهما على الأخرى، ولا تختفي إحداهما تحت الأخرى.
وهذه الأحوال قد تطرأ على السلاك، سواء استشعروا بها أم لم يستشعروا. أذاقنا الله وجميع المؤمنين منها ومكننا فيها، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1).