الوجه المزبور، وإن كان المراد منه نعمة الإقرار بالشريعة فهكذا، وإن كان المراد منه نعمة الإقرار بالإسلام فهكذا... إلى أن تصل النوبة إلى أن يكون المراد منها نعمة العود من السفر الثالث المعنوي، فيكون أكثر الموحدين والمسلمين والمؤمنين من * (المغضوب عليهم) * و * (الضالين) *، فإن من كان همه الوصول إلى نعمة الآخرة، بدخول الجنة والفرار من النار، فهو مغضوب عليه، لأنه قد أفنى في ذاته استعداده الذاتي والفطرة التي توجهه إلى المراتب العالية، التي لا ينظر بالوصول إليها إلى الجنة والنار، ويكون خليا عنهما، ومشتاقا إلى جنة الذات متنفرا من حجبها.
ومن لم يتمكن من إحياء تلك الغريزة وإخراجها من القوة إلى الفعلية - بالتردد في أثناء الطريق - يكون من الضالين.
ف * (المغضوب عليهم) * والضالون يقاسون إلى المنعم عليهم وإلى النعمة المخصوصة بهم، وحيث إن الآية الشريفة لا تأبى عن شمول كل المعاني، وتكون النعمة عامة وقابلة لشمول جميع أنحائها، فلا يختص المراد منها بإحدى الاحتمالات المذكورة، بل جميعها مندرج تحتها بعون الله وقدرته.