اللازمة في النظام الحيواني مع كونه من الرذائل الإنسانية.
ثم اعلم أيها الأخ الكريم والقارئ العزيز: أن النعم الإلهية المتناهية نوعا وصنفا، وغير المتناهية شخصا، التي استولت عليك من الجوانب الشتى ومن النواحي والضواحي المختلفة، والعنايات الربانية التي شملتك من الابتداء إلى منتهى السير - في جهات كثيرة:
معنوية ومادية، روحية وجسمانية - تقتضي أن تقوم لله وفي الله، وأن تجيب إلى طاعته وعبادته بعدم إبطال تلك النعم، وبعدم الانحراف عنها، فعليك يا أيها المحبوب المكرم أن لا تغتر بما في هذه الصحف من الإنعامات الغيبية، فإنها مفاهيم قالبية، وما دام العبد لا يخرج من تلك المعاني التخيلية إلى الحقائق الغيبية، لا يصير كاملا ولا يعد عبدا.
فعليك بتهذيب النفس عن جميع الرذائل والشرور، والتحلي بحلية الفضائل والخيرات، وبمحاسن الأخلاق الكريمة والمحسنات العقلية، وعليك بالمجاهدة والرياضات بترك لذات الدنيا مهما أمكن، وملازمة أهل الخير والتقوى في كل مكان ميسر لك، فإن من أشرف الأمور وألذ الأشياء عند أهل السداد والعرفان، المسافرة في مختلف البلاد لدرك أرباب الكشف والإيمان، وأصحاب القلوب والقرآن، وقد كان دأب السلف وديدن الخلف على هذه الطريقة المثلى وتلك الروية العليا.
فيا إلهي وسيدي قد أفنيت عمري في شرة السهو عنك، وأبليت شبابي في سكرة التباعد منك، فيا إلهي ومولاي أسألك أن توفقني لأن أنال من الخير ما يليق بجنابك، وأن أختطف من البر ما في سعة رحمتك.
وأسألك اللهم أن توفقني لدرك ما في كتابك العزيز القرآن الشريف، من مخازن علومك وخزائن معارفك. وأسألك اللهم أن لا تحجب