احترازي، كما لا يخفى.
فتحصل: أن حسب الصناعة العلمية أن الصراط جنس والاستقامة قيد احترازي، وتكون حقيقية، لا أعم منها ومن الإضافية.
إن قلت: اعوجاج الطرق في السفر المعنوي إلى مملكة الوجود والحب، غير اعوجاجها في الأسفار المادية إلى الممالك الملكية، فإن الاعوجاج الثاني لا ينافي الوصول في منتهى السير إلى غاية المأمول ونهاية المسؤول، بخلاف الاعوجاج الأول، فإنه يساوق سقوط الطريق عن الطريقية والصراط عن الهداية رأسا وكلا، فعلى كل تقدير التقييد المزبور ليس احترازيا، لأن إراءة الطريق الغير المستقيم ليس بهداية، فإذا كان المطلوب هي الهداية إلى الصراط فلابد وأن يكون ذلك مستقيما.
قلت: نعم إلا أن الاعوجاج في الطرق المعنوية والأسفار الروحية، لا يلازم سقوط الطريق عن الطريقية، مثلا: الطائفة الأخبارية، والطائفة الأصولية، والطائفة الثالثة من أرباب الفلسفة، أو أصحاب العرفان والإيقان، وغيرهم من سائر الفرق المشتغلين في تحصيل الكمالات المختلفة، كل تؤدي إلى الحق وإلى الجنة الحقيقية مثلا، إلا أن أحقية إحداهما من الأخرى غير واضحة، فتلك الصرط والطرق وإن تنتهي في آخر السفر إلى محل واحد ومكان فارد، ولكنها مختلفة في القرب والبعد وفي الصحة والسقم، وإن كان الكل مشترك الوصول إلى غاية المأمول ونهاية المسؤول. نعم الاعوجاج عن أصول الطرق - كالاعوجاج عن الإسلام والإيمان - يساوق سقوط الطريق عن الطريقية، ويستلزم الخروج عن طبيعة الهداية المطلوبة، فعلى هذا لا يكون