رسل ليسوا بآلهة. وانه أتى بالمعجزات من قبل الله كما أتوا بها من قبل ربهم، فمن ادعى له الآلهية فهو كمن ادعى الإلهية لجميعهم لتساويهم في المنزلة ومعنى " خلت " مضت. " وأمه صديقة " قيل في معناه قولان:
أحدهما - أنها كانت تصدق بآيات ربها ومنزلة ولدها، وتصدقه فيما أخبرها به بدلالة قوله " وصدقت بكلمات ربها " (1) ذكر ذلك الحسن، والجبائي.
الثاني لكثرة صدقها وعظم منزلتها فيما تصدق به من أمرها أو سميت صديقة على وجه المبالغة، كما قيل: رجل سكيت. أي مبالغ في السكوت.
وقوله " كانا يأكلان الطعام " فيه احتجاج على النصارى، لان من ولدته النساء، وكان يأكل الطعام لا يكون إلها للعباد لان سبيله سبيلهم في الحاجة إلى الصانع المدبر، لان من فيه علامة الحدث، لا يكون قديما. ومن يحتاج إلى غيره لا يكون قادرا لا يعجزه شئ وقيل إن ذلك كناية عن قضاء الحاجة لان من أكل الطعام لابد أن يحدث حدثا مخصوصا على مجرى العادة.
وقوله " انظر كيف نبين لهم الآيات " أمر للنبي وأمته بأن يفكروا فيما بين الله من الآيات والدلالات لهم على بطلان ما اعتقدوه من ربوبية المسيح، وبنوته ثم أمره بأن ينظر ثانيا " أنى يؤفكون " أي كيف يؤفكون. وقيل من أين يؤفكون ومعنى " يؤفكون " يصرفون. وقيل يقلبون. والمعنى متقارب، لان المعنى انظر كيف يصرفون عن الآيات التي بيناها لهم ويقال:
لكل مصروف عن شئ مأفوك عنه، وقد افكت فلانا عن كذا أي صرفته عنه صرفا. فأنا آفكه إفكا فهو مأفوك وقد أفكت الأرض إذا صرف عنها المطر،