يوم البصرة " والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم " وتلا هذه الآية.
ومثل ذلك روى حذيفة، وعمار وغيرهما. والذي يقوي هذا التأويل أن الله تعالى وصف من عناده بالآية بأوصاف وجدنا أمير المؤمنين (ع) مستكملا لها بالاجماع، لأنه قال: " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين " وقد شهد النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين (ع) بما يوافق لفظ الآية في قوله وقد ندبه لفتح خيبر بعد فرار من فر عنها واحدا بعد واحد (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه) فدفعها إلى أمير المؤمنين، فكان من ظفره ما وافق خبر الرسول صلى الله عليه وآله. ثم قال " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " فوصف من عناه بالتواضع للمؤمنين والرفق بهم، والعزة على الكافرين. والعزيز على الكافرين هو الممتنع من أن ينالوه مع شدة نكايته فيهم ووطأته عليهم، وهذه أوصاف أمير المؤمنين (ع) التي لا يدانى فيها ولا يقارب. ثم قال " يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم " فوصف - جل اسمه من عنا بهذا الجهاد وبما يقتضي الغلية فيه، وقد علمنا أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله بين رجلين: رجلا لا عناء له في الحرب ولا جهاد. والآخر له جهاد وعناء، ونحن نعلم قصور كل مجاهد عن منزلة أمير المؤمنين (ع) في الجهاد، فإنهم مع علو منزلتهم في الشجاعة وصدق البأس لا يلحقون منزلته ولا يقاربون رتبته لأنه عليه السلام المعروف بتفريج الغمم، وكشف الكرب عن وجه الرسول صلى الله عليه وآله وهو الذي لم يحم قط عن قرن، ولا نكص عن هول، ولا ولى الدبر، وهذه حالة لم تسلم لاحد قبله ولا بعده فكان (ع) بالاختصاص بالآية أولى لمطابقة أوصافه لمعناها.