فان قيل: يجوز على جماعة - عقلا - كثيرين أن يسيروا في فراسخ يسيرة فلا يهتدوا للخروج منها؟ قلنا عنه جوابان:
أحدهما - قال أبو علي: يكون ذلك بأن تحول الأرض التي هم عليها إذا ناموا فيردهم إلى المكان الذي ابتدؤا منه.
الثاني - أن يكون بالاشتباه. والأسباب المانعة من الخروج عنها إما بأن يمحو العلامات التي يستدل بها أو بآن يلقى شبه بعضها على بعض، ويكون ذلك معجزة خارقة للعادة.
وقيل: إن التيه كان عقوبة لهم بعدد الأيام التي عبدوا فيها العجل عن كل يوم سنة. ومن قال هذا قال: لم يكن موسى وهارون فيها، أو كانا فيها غير متوهين، كما كان إبراهيم في نار نمرود غير متألم بها.
وقوله: (أربعين سنة) نصبه يحتمل أمرين:
أحدهما - على قول الربيع ب " محرمة " حرمها عليهم أربعين سنة.
والثاني - " يتيهون " على قول الحسن وقتادة، لأنهما قالا: إنه ما دخلها أحد منهم. وقيل: انه دخلها يوشع بن نون وكالب بن يوفنا بعد موت موسى بشهرين. قالوا لأنه لا خلاف بين المفسرين أن دخولها كان محرم عليهم على طريق التأييد. وإنما دخلها أولادهم مع يوشع وكالب بن يوفنا. وقوله:
" فلا تأس على القوم الفاسقين " خطاب لموسى (ع) أمره الله أن لا يحزن على هلاكهم لفسقهم. والأسى: الحزن يقال أسى يأسى أسى أي حزن قال امرؤ القيس:
وقوفا بها صحبي على مطيهم * يقولون لا تهلك أسى وتجمل وقال الزجاج: هو خطاب للنبي صلى الله عليه وآله.