قوله تعالى:
قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين (29) آية هذه الآية إخبار من الله، وخطاب لموسى (ع) أن قومه قد حرم عليهم دخول بلد الجبارين أربعين سنة، وفي كيفية التحريم قولان:
أحدهما - قول أكثر المفسرين: أنه تحريم منع كما قال الشاعر:
جالت لتصرعني فقلت لها اقصري * اني امرؤ صرعي عليك محرم يعني دابته التي هو راكبها ويريد بذلك إني فارس لا يمكنك أن تصرعني. وقال أبو علي: يجوز أن يكون المراد به تحريم تعبد - والأول هو الأظهر - وقال البلخي: يجوز أن يكونوا أمروا بأن يطوفوا فيه أربعين سنة يتيهون في الأرض يعني في المسافة التي بينهم وبينها. وقال الربيع: وكان مقداره ستة فراسخ. وقال مجاهد، والحسن: كانوا يصبحون حيث أمسوا ويمسون حيث أصبحوا. وقال الحسن: لم يمت موسى (ع) في التيه. وروي عن ابن عباس أنه مات في التيه على علم منه فيه. وأما هارون فإنه مات قبل موسى في التيه، وكان أكبر من موسى. واستخلف موسى يوشع بعده. وقال:
إن الله بعثه نبيا. وفي دخوله أيضا مدينة الجبارين خلاف.
وأصل التيه التحير الذي لا يهتدى لأجله للخروج عن الطريق إلى الغرض المقصود. وأصله الحيرة. يقال: تاه يتيه تيها: إذا تحير. وتيهته، وتوهته، والياء أكثر. والتيهاء - من الأرض - هي التي لا يهتدي فيها. يقال: أرض تيه وتيهاء. قال الشاعر:
تيه أتاويه على السفاط