والأول أقوى. ويحتمل النصب على الحال كقولك: جاء زيد غير مريب. فان قيل:
أيجوز أن يساوي أهل الضرر المجاهدين على وجه، فان قلتم: لا، فقد صاروا مثل من ليس من أولي الضرر؟ قلنا: يجوز أن يساووهم بأن يفعلوا طاعات أخر تقوم مقام الجهاد، فيكون ثوابهم عليهم مثل ثواب الجهاد. وليس كذلك من ليس بأولي الضرر، لأنه قعد عن الجهاد، بلا عذر. وظاهر الآية يمنع من مساواته على وجه.
وقال ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر، والخارجين إلى بدر ثم قال: (وفضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة) قال ابن جريج وغيره معناه فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم درجة على القاعدين من أهل الضرر ثم قال: (وكلا وعد الله الحسنى) يعني وعد الله الحسنى المجاهدين بأموالهم وأنفسهم والقاعدين أولي الضرر. والمراد بالحسنى ههنا الجنة في قول قتادة وغيره من المفسرين. وبه قال السدي. وقوله: (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) معناه فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من غير أولي الضرر أجرا عظيما. وقوله: (درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما) قال قتادة هو كما يقال: الاسلام درجة، والفقه درجة، والهجرة درجة، والجهاد في الهجرة درجة، والقتل في الجهاد درجة. وقال عبد الله بن زيد: معنى الدرجات هي التسع درجات التي درجها في سورة براءة. وهي قوله: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن ن يتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيض الكفار ولا ينالون من عدو نيلا) إلى قوله: (ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) (1) قال: هذه التسع درجات. وقال قوم: المراد بالدرجات ههنا الجنة. واختاره الطبري. (ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما) معناه لم يزل الله غفارا للذنوب صافحا لعبيده عن العقوبة. رحيما بهم متفضلا عليهم. فان