اشتبه على النصارى، فان قيل: كيف يجوز من الخلق العظيم ان يخبروا بالشئ على خلاف ما هو به، وقد علمنا كثرة اليهود والنصارى، ومع كثرتهم أخبروا ان عيسى صلب وقتل، فكيف يجوز ان يكونوا مع كثرتهم كذابين؟ ولئن جاز هذا لم نثق بشئ من الاخبار أصلا ويؤدي ذلك إلى قول السنمية! قلنا: هؤلاء القوم دخلت عليهم الشبهة، لان اليهود لم يكونوا يعرفون عيسى، وإنما أخبروا انهم قتلوا واحدا، وقيل لهم انه عيسى، فهم في ذلك صادقون، وان لم يكن المقتول عيسى. وأما النصارى فاشتبه عليهم، لأنه كان ألقي شبهه على غيره، فلما رأوا من هو في صورته مقتولا، ظنوا انه عيسى، فلم يخبر أحد من الفريقين بما ظن أن الامر على ما اخبر به، فلا يؤدي ذلك إلى بطلان الاخبار بحال.
وقوله: " وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا " يعني به الذين أحاطوا بعيسى وأصحابه حيث أرادوا قتله لأنهم كانوا قد عرفوا عدة من في البيت، فلما دخلوا عليهم فقدوا واحدا منهم، فالتبس عليهم امر عيسى بفقدهم واحدا من العدة، وقتلوا من قتلوا على شك منهم في امر عيسى. هذا على قول من قال: لم يتفرق أصحابه حتى دخل عليهم اليهود واما من قال تفرقوا عنه، فإنه يقول: اختلافهم كان بأن عيسى هل كان في من بقي في البيت أو كان في الذين خرجوا. فاشتبه الامر عليهم. قال الزجاج: وجه اختلاف النصارى أن: منهم من ادعى انه له لا يقتل، ومنهم من قال قتل، فكذب الله الجميع. وقوله: " إلا اتباع الظن " استثناء منقطع. وتقديره لم يكن لهم بمن قتلوه علم لكنهم اتبعوه ظنا منهم انه عيسى، ولم يكن به.
وقوله: " وما قتلوه يقينا " معناه وما قتلوا ظنهم الذي اتبعوا المقتول الذي قتلوه، وهم يحسبونه عيسى يقينا إنه عيسى، ولا انه غيره، لكنهم كانوا منه على ظن وشبهة، كما يقول القائل: ما قتلت هذا الامر علما، وما قتلته يقينا: إذا تكلم فيه بالظن على غير يقين. فالهاء في (قتلوه) عائدة على الظن. وقال ابن عباس وجويبر