الثاني - قال مجاهد: نزلت في اليهود. نهى الله هذه الأمة أن يصنعوا مثل صنيعهم.
المعنى:
قوله: (ألم تر) معناه ألم ينته علمك إلى هؤلاء تعجيبا من ذلك. ولو قال:
ألم تر هؤلاء أو ألم تعلم هؤلاء لم يظهر فيه معنى التعجب منهم كما يظهر ب (إلى)، لأنها تؤذن بحال بعيدة قد لا ينتهي إليها، لبعدها، لما فيها من العجب الذي يقع بها. وقوله: (الذين قيل لهم كفوا أيديكم) يعني حين طلبوا القتال وقيل لهم:
اقتصروا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة (فلما كتب عليهم القتال) يعني الجهاد (إذا فريق منهم) يعني جماعة (يخشون الناس كخشية الله) قال الحسن: هو من صفة المؤمنين لما طبعوا عليه من البشرية والخوف، لا على وجه كراهة المخالفة.
وقال أبو علي: هومن صفة المنافقين، لأنهم كانوا كذلك حرصا منهم على الدنيا والبقاء فيها والاستكثار منها وقال يخشون القتل من قبل المشركين كما يخشون الموت من قبل الله. وقوله: (أو أشد خشية) ليس معنى (أو) ههنا الشك، لان ذلك لا يجوز عليه تعالى. وقيل في معناها قولان:
أحدهما - أنها دخلت للابهام على المخاطب. والمعنى أنهم على احدى الصفتين.
وهذا أصل (أو) وهو معنى واحد على الابهام.
الثاني - على طريق الإباحة نحو قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين.
ومعناه إن قلت يخشون الناس كخشية الله فأنت مصيب، وان قلت يخشونهم أشد من ذلك فأنت مصيب لأنه قد حصل لهم مثل تلك الخشية وزيادة. وقولهم:
" لم كتبت علينا القتال " معناه ألزمتنا وأوجبت علينا.
وقوله: (لولا أخرتنا) معناه هلا أخرتنا " إلى أجل قريب وهو إلى أن نموت بآجالنا فأعلمهم الله تعالى أنه متاع الدنيا قليل، وأن الآخرة خير لأهل التقى وأعلمهم أن آجالهم لا تخطئهم " ولا يظلمون فتيلا " أي لا يبخسون هذا