مطيع لله، وان لم يكن هناك أمر على أن من امتثل الامر إنما سمي مطيعا لموافقة الإرادة المرغبة من حيث أن الامر لا يكون أمرا إلا بإرادة المأمور به، والطاعة تكون بمتابعة الواجب والندب معا، لان الإرادة تتناولها الاعراب، والحجة، واللغة، والمعنى:
وقوله: (إن تطيعوا) جزم بأنه شرط. وقوله: " يردوكم " جزم بأنه جواب الشرط. وقوله: " فتنقلبوا " جزم بالعطف عليه. وقوله: " خاسرين " نصب على الحال. وقوله: " بل الله " فحقيقة (بل) الاضراب عن الأول إلى الثاني سواء كانا موجبين أو نفيين أو إحداهما موجبا والآخر نفيا قول: جاء زيد بل عمرو، وما جاء زيد بل عمرو لم يجئ، وما أتى زيد بل خالد.
فان قيل: كيف عطف ببل وهي لا تشرك الثاني مع الأول في المعنى؟ قلنا:
لان الاضراب عن الأول كالبدل، ولذلك وجب العطف بالاشراك في الاعراب كما يجب في البدل غير أن البدل لم يحتج إلى حرف، لان الثاني هو الأول أو في تقدير ما هو كالأول، و (لكن) للاستدراك أيضا، وهو يقتضي نفيا إما متقدما أو متأخرا كقولك ما جاءني زيد، لكن عمرو، وجاء زيد لكن عمرو لم يأت، وبهذا فارقت بل. وقوله: " بل الله " كان يجوز النصب في (الله) قال الفراء:
على معنى أطيعوا الله مولاكم، لان قبله " إن تطيعوا " ثم أضرب عن الأول وأوجب الثاني بل أطيعوا الله (مولاكم). والرفع يحتمل أن يكون على الابتداء ومولاكم خبره، ويحتمل أن يكون مولاكم مبتدأ، و (الله) خبره، وقد قدم عليه. ومعنى مولاكم أي هو أولى بطاعتكم ونصرتكم. وقيل معناه وليكم بالنصرة بدلالة قوله: " هو خير الناصرين " والأصل فيه، ولي الشئ الشئ من غير فصل بينه وبينه، فالولاية إيلاء النصرة، ويجوز لأنه يتولى فعل النصرة، وان لم يكله إلى غيره، لان من فعل شيئا فقد تولى فعله. فان قيل: كيف قال " وهو خير الناصرين " مع أنه لا يعتد بنصر غير الله مع نصرته؟ قيل: معناه إنه إن اعتد بنصرة غير الله فنصرة