التفويض هنا، إلا فيمن رآها، ولقوله (عليه السلام) في الخبر: " وإن كان الزوج لم يرهن كلهن ولم يسم واحدة عند عقدة النكاح فالنكاح باطل " (1) لا لأن الرؤية دليل التفويض أو عدمها دليل عدمه، فلا خروج عن مضمون الخبر كما توهم.
ولا إشكال في الخبر من أنه يدل على أن الرؤية كافية في الصحة والرجوع إلى قول الأب وإن خالف ما نواه الزوج، وعدمها كاف في البطلان وإن توافقا، مع أن الرؤية لا مدخل لها في صحة العقد وعدمها، ولا يفيد التعيين، ولا عدمها ينافيه، ولا يفيد ما نزله عليه المصنف وغيره، لأن التفويض إلى الأب إن كفى مع توليه القبول من غير أن يقصد معينة فلا فرق بين الرؤية وعدمها، فيلزم الصحة على التقديرين، وإن لم يكف بطل على التقديرين، وذلك لأنه لا بعد في أن يكون التفويض إلى الولي جائزا في النساء اللآتي رآهن، لأنهن تعين عنده دون من لم يرهن لكثرة الجهالة، لا أن الرؤية دليل على التفويض، وأن التفويض جائز مطلقا، على أنه إن رآى بعضهن خاصة كان الظاهر تعلق نيته بمن تعلقت بها الرؤية، وإن تعددت فالتفويض في تعيين واحدة منهن، فإن ادعى الأب غيرهن لم يسمع منه، لظهور خلافه.
إلا أن في المختلف: والتخريج بهذه (2) الرواية: أن الزوج إذا كان قد رآهن كلهن فقد رضي بما يعقد عليه الأب منهن ورضي باختياره ووكل الأمر إليه، فكان في الحقيقة وكيله وقد نوى الأب واحدة معينة فيصرف العقد إليها، وإن لم يكن قد رآهن كان العقد باطلا، لعدم رضى الزوج بما يسميه الأب ويعينه في ضميره، والأصل في ذلك أن يقول: إن كان الأب قد نوى واحدة بعينها وكان رؤية الزوج لهن دليلا على الرضا بما يعينه صح العقد، وكان القول قول الأب فيما عينه، وإلا فلا (3). فجعل العمدة هو التفويض والرؤية دليلا عليه.