لا يدري كم كان تحت يد كل عريف منهم لان ذلك يحتمل الكثرة والقلة غير أنه يتحقق انه بعث معهم أي مع كل ناس عريفا (قوله قال أكلوا منها أجمعون أو كما قال) هو شك من أبي عثمان في لفظ عبد الرحمن وأما المعنى فالحاصل ان جميع الجيش أكلوا من تلك الجفنة التي أرسل بها أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وظهر بذلك ان تمام البركة في الطعام المذكور كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم لان الذي وقع فيها في بيت أبي بكر ظهور أوائل البركة فيها وأما انتهاؤها إلى أن تكفي الجيش كلهم فما كان الا بعد أن صارت عند النبي صلى الله عليه وسلم على ظاهر الخبر والله أعلم وقد روى أحمد والترمذي والنسائي من حديث سمرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقصعة فيها ثريد فاكل وأكل القوم فما زالوا يتداولونها إلى قريب من الظهر يأكل قوم ثم يقومون ويجئ قوم فيتعاقبونه فقال رجل هل كانت تمد بطعام قال أما من الأرض فلا الا أن تكون كانت تمد من السماء قال بعض شيوخنا يحتمل أن تكون هذه القصعة هي التي وقع فيها في بيت أبي بكر ما وقع والله أعلم وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم التجاء الفقراء إلى المساجد عند الاحتياج إلى المواساة إذا لم يكن في ذلك الحاح ولا الحاف ولا تشويش على المصلين وفيه استحباب مواساتهم عند اجتماع هذه الشروط وفيه التوظيف في المخمصة وفيه جواز الغيبة عن الأهل والولد والضيف إذا أعدت لهم الكفاية وفيه تصرف المرأة فيما تقدم للضيف والاطعام بغير اذن خاص من الرجل وفيه جواز سب الوالد للولد على وجه التأديب والتمرين على أعمال الخير وتعاطيه وفيه جواز الحلف على ترك المباح وفيه توكيد الرجل الصادق لخبره بالقسم وجواز الحنث بعد عقد اليمين وفيه التبرك بطعام الأولياء والصلحاء وفيه عرض الطعام الذي تظهر فيه البركة على الكبار وقبولهم ذلك وفيه العمل بالظن الغالب لان أبا بكر ظن أن عبد الرحمن فرط في أمر الأضياف فبادر إلى سبه وقوى القرينة عنده اختباؤه منه وفيه ما يقع من لطف الله تعالى بأوليائه وذلك أن خاطر أبي بكر تشوش وكذلك ولده وأهله وأضيافه بسبب امتناعهم من الاكل وتكدر خاطر أبي بكر من ذلك حتى احتاج إلى ما تقدم ذكره من الحرج بالحلف وبالحنث وبغير ذلك فتدارك الله ذلك ورفعه عنه بالكرامة التي أبداها له فانقلب ذلك الكدر صفاء والنكد سرورا ولله الحمد والمنة * الحديث العاشر حديث أنس في الاستسقاء والمراد منه وقوع إجابة الدعاء في الحال وقد تقدم شرحه في الاستسقاء وأورده هنا من طريقين لحماد بن زيد فقوله وعن يونس هو ابن عبيد وهو معطوف على قوله عن عبد العزيز بن صهيب وحاصله أن حمادا سمعه عن أنس عاليا ونازلا وذلك لأنه سمع من ثابت وحدث عنه هنا بواسطة وذكر البزار ان حمادا تفرد بطريق يونس بن عبيد هذه (قوله وغيره يقول فعرفنا) وهو من العرافة وكذا اختلفت الرواة عند مسلم هل قال فرقنا أو عرفنا وفي رواية الإسماعيلي فعرفنا من العرافة وجها واحدا وسمي العريف عريفا لأنه يعرف الامام أحوال العسكر وزعم الكرماني ان فيه حذفا تقديره فرجعنا إلى المدينة فعرفنا (قلت) ولا يتعين ذلك لجواز أن يكون تعريفهم وارسالهم قبل الرجوع إلى المدينة (قوله هلكت الكراع) بضم أوله وحكى عن رواية الأصيلي كسرها وخطئ والمراد به الخيل وقد يطلق على غيرها من الحيوان لكن المراد به هنا الحقيقة لأنه عطف عليه بعد ذلك غيره (قوله كمثل الزجاجة) أي من شدة الصفاء ليس فيها شئ من السحاب (قوله فهاجت ريح أنشأت سحابا)
(٤٤٢)