قال كل للقوم فكلتهم حتى أوفيتهم وفي رواية فراس ثم قال لجابر جد فاوف الذي له فجده بعد ما رجع النبي صلى الله عليه وسلم (قوله فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل ما أعطاهم) في رواية مغيرة وبقي تمري وكأنه لم ينقص منه شئ وفي رواية ابن كعب وبقي لنا من تمرها بقية ووقع في رواية وهب بن كيسان فأوفاه ثلاثين وسقا وفضلت له سبعة عشر وسقا ويجمع بالحمل على تعدد الغرماء فكأن أصل الدين كان منه ليهودي ثلاثون وسقا من صنف واحد فأوفاه وفضل من ذلك البيدر سبعة عشر وسقا وكان منه لغير ذلك اليهودي أشياء أخر من أصناف أخرى فأوفاهم وفضل من المجموع قدر الذي أوفاه ويؤيده قوله في رواية نبيح العنزي عن جابر فكلت له من العجوة فأوفاه الله وفضل لنا من التمر كذا وكذا وكلت له من أصناف التمر فأوفاه الله وفضل لنا من التمر كذا وكذا ووقع في رواية فراس عن الشعبي ما قد يخالف ذلك فعنه ثم دعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نظروا إليه كأنما أغروا بي تلك الساعة اي انهم شددوا عليه في المطالبة لعداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم قال فلما رأى ما يصنعون طاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات ثم جلس عليه ثم قال ادعهم فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي وأنا راض أن يؤديها الله ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة فسلم الله البيادر كلها حتى اني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن لم ينقص منه تمرة واحدة ووجه المخالفة فيه أن ظاهره أن الكيل جميعه كان بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وان التمر لم ينقص منه شئ البتة والذي مضى ظاهره ان ذلك بعد رجوعه وان بعض التمر نقص ويجمع بأن ابتداء الكيل كان بحضرته صلى الله عليه وسلم وبقيته كان بعد انصرافه وكان بعض البيادر التي أوفى منها بعض أصحاب الدين حيث كان بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينقص منه شئ البتة ولما انصرف بقيت آثار بركته فلذلك أوفى من أحد البيادر ثلاثين وسقا وفضل سبعة عشر وفي رواية نبيح ما يؤيد ذلك ففي روايته قال كل له فان الله سوف يوفيه وفي حديثه فإذا الشمس قد دلكت فقال الصلاة يا أبا بكر فاندفعوا إلى المسجد فقلت له أي للغريم قرب أوعيتك وفيه فجئت أسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأني شرارة فوجدته قد صلى فأخبرته فقال أين عمر فجاء يهرول فقال سل جابرا عن تمره وغريمه فقال ما أنا بسائله قد علمت أن الله سيوفيه الحديث وقصة عمر قد وقعت في رواية ابن كعب فقيها ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر اسمع يا عمر قال أن لا نكون قد علمنا أنك رسول الله والله انك لرسول الله وفي رواية وهب فقال عمر لقد علمت حين مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليباركن الله فيها وقوله في رواية ابن كعب أن لا نكون بفتح الهمزة وتشديد اللام في الروايات كلها وأصلها ان الخفيفة ضمت إليها لا النافية أي هذا السؤال انما يحتاج إليه من لا يعلم أنك رسول الله فلذلك يشك في الخبر فيحتاج إلى الاستدلال وأما من علم أنك رسول الله فلا يحتاج إلى ذلك وزعم بعض المتأخرين ان الرواية فيه بتخفيف اللام وأن الهمزة فيه للاستفهام التقريري فأنكر عمر عدم علمه بالرسالة فأنتج انكاره ثبوت علمه بها وهو كلام موجه الا أن الرواية انما هي بالتشديد وكذلك ضبطها عياض وغيره وقيل النكتة في اختصاص عمر باعلامه بذلك انه كان معتنيا بقصة جابر مهتما بشأنه مساعدا له على وفاء دين أبيه وقيل لأنه كان حاضرا مع النبي صلى الله عليه وسلم لما مشى في النخل وتحقق ان التمر الذي فيه لا يفي ببعض الدين فأراد اعلامه
(٤٣٥)