لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي - اسم الحضرمي عبد الله - فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه - بمشاورة مع أصحابه لكي يأمنوهم - فلما رأوه أمنوا وقالوا عمار لا بأس عليكم منهم، وتشاور عبد الله وأصحابه فيهم (وذلك في آخر جمادى الأولى أو أول رجب أو آخر يوم من رجب أو أول شعبان كذا نقلته المصادر وجها لترديد المسلمين في قتالهم) (1) فقال القوم: والله لو تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم وهابوا الاقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله الليثي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأثر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقالت قريش: قد استحل محمد (صلى الله عليه وآله) الشهر الحرام وكتبوا بذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفدا يعيرون رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك (2)، فلما قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام (وإنما أمرهم بالتجسس) فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) سقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا، وقالت قريش فأكثروا حتى نزلت قوله تعالى: * (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل