قبض على إبراهيم الإمام جعلنا نسخة الصحيفة التي دفعها أبو هاشم محمد بن الحنفية إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وهي التي كان آباؤنا يسمونها صحيفة الدولة في صندوق من نحاس صغير، ثم دفناه تحت زيتونات بالشراة لم يكن بالشراة من الزيتون غيرهن، فلما أفضى السلطان إلينا وملكنا الأمر أرسلنا إلى ذلك الموضع فبحث وحفر فلم يوجد فيه، فأمرنا بحفر جريب من الأرض في ذلك الموضع حتى بلغ الحفر الماء ولم نجد شيئا هذا " (1).
ثم قال ابن أبي الحديد: " صرح محمد بن الحنفية بالأمر لعبد الله بن العباس وعرفه تفصيله ولم يكن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد فصل لعبد الله وإنما أخبره بقوله " خذ إليك أبا الأملاك، وكذلك وصل إلى بني أمية من ناحية محمد بن الحنفية ".
أقول: نقل البلاذري في الفتوح: 48 و 49 ما ملخصه أن عبد الملك بن مروان أتى يزيد بن معاوية في أرض فقال يزيد: هي لك فلما ولى: قال يزيد: هذا الذي يقال أنه يلي بعدنا، فإن يكن حقا فقد صانعناه، وإن يك باطلا فقد وصلناه (وراجع مروج الذهب 3: 77 وفي ط: 67).
وأخرج المسعودي في مروج الذهب 3: 361 المطبوع سنة 1377 (2) عن الكسائي كلاما طويلا جرى بينه وبين هارون الرشيد في ولديه الأمين والمأمون وأن هارون قال: " كأنك بهما وقد حم القضاء، ونزلت مقادير السماء، وبلغ الكتاب أجله، قد تشتتت كلمتهما، واختلف أمرهما - إلى أن قال الكسائي - قلت: أيكون ذلك يا أمير المؤمنين لأمر رؤي في أصل مولدهما أو أثر وقع لأمير المؤمنين في مولدهما؟ فقال: لا والله إلا بأثر واجب حملته العلماء من الأوصياء عن الأنبياء ".