" ثم تدعوهم بعد ذلك إلى الاحسان " أي: الاتيان بالحسن من قولهم: أحسن أتى بالحسن، وفسر الاتيان بالأحسن بقوله: " أن يحسنوا فيما بينهم وبين الله في أداء الأمانة.. " وعهده عطف على أداء الأمانة أي: ان يحسنوا في الوفاء بعهد الله، ولعل المراد هو قوله تعالى: * (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) * يس: 61 وقال: * (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) * البقرة: 40.
عهد إليه عهدا: أوصاه به وشرط عليه وعهد إليه في الأمر: تقدم أي:
أحسنوا في الاتيان بما عهد الله إلى نبيه أي: أوصى إليه وأوصى هو إلى الخلق، قال تعالى: * (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) * النساء:
131 فعهد الله إلى الناس هو التقوى والالتزام بما أمر الله أو نهى عنه وقال سبحانه في تفسير الفاسقين * (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه..) * البقرة: 27 وقال في المجمع: وقيل: في عهد الله وجوه:
أحدها ما ركب في عقولهم من أدلة التوحيد والعدل وتصديق الرسل وما احتج به لرسله من المعجزات الشاهدة لهم على صدقهم ونقضهم لذلك تركهم الاقرار بما قد بينت لهم صحته بالأدلة.
وثانيها أنه وصية الله إلى خلقه على لسان رسوله بما أمر هو به من طاعته ونهاهم عنه من معصيته، فنقضهم ذلك تركهم العمل به.. الخ.
أقول: اختار في المنار الوجه الأول وأكد عليه، ولكن الذي يؤيده قوله تعالى: * (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان) * وقوله تعالى: * (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) * هو الثاني.
(راجع أيضا القرطبي 1: 246 وكنز الدقائق 1: 208 والتبيان 1: 119 والميزان 17: 106 والبيضاوي في سورة البقرة: 27).