الحارث كعب بنجران فأسلموا، وبعث عليا (عليه السلام) إلى نجران لجباية الصدقة، وإلى عمرو بن معد يكرب وإلى القضاء فيها أيضا، وبعث عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي إلى بلحارث بن كعب بنجران إلى غير ذلك من بعوثه (صلى الله عليه وسلم) للدعوة إلى الاسلام.
فمن سبر تأريخ الاسلام وتعرف نشوءه وعلل اعتلائه ودخول الناس في دين الله أفواجا يعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما قاتل قريشا وبعض القبائل كغطفان واليهود لمنعهم عن انتشار التوحيد وسعيهم في إطفاء نور الله بعد أن يئس (صلى الله عليه وآله) من إسلامهم وعلم بأنهم سواء عليهم أأنذروا أم لم ينذروا لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم فأصمهم وأعمى أبصارهم، فهم أشواك سبل السعادة لابد وأن يدفعوا لينال العالم الانساني الفوز والنجاح ومع ذلك فلم يبادر إلى قتالهم بل أخذهم بالضيق في متاجرهم إلى الشام كي يفيئوا عن ضلالتهم ولعلهم يضرعون حتى جمعوا قذهم وقذيذهم وجمعوا الجموع وشهروا الحروب وهزوا السيوف وقاتلوا فقتلهم الله بسيوف المسلمين.
فكان (صلى الله عليه وآله) سعى في إعلاء كلمة التوحيد اختيار أسهل السبل وأنجح الطرق، فكتب الكتب وبعث البعوث يدعون إلى الله تعالى فدخل الناس في دين الله أفواجا من دون أي قتال وسفك دماء.
ولذلك كثر المبلغون والبعوث إلى قبائل العرب في اليمن واليمامة والبحرين وعمان ودمشق وسماوة وكتب إلى ملوك الدنيا، فلم تمض سنة تسع من الهجرة إلا ذكر الاسلام في أقطار العالم وعرف الناس التوحيد ولله الحجة البالغة.