فقبل (صلى الله عليه وآله) هديته وقرأ كتابه الحامل إليه (صلى الله عليه وآله) بين طياته إيمانه الخالص، وأجاز الرسول باثنتي عشرة أوقية من فضة ونش - بالفتح أوقية عشرون درهما - وفي الطبقات أن ذلك خمسمائة درهم، وكتب إليه هذا الكتاب - يوصيه بالثبات في الدين وطاعة الله ورسوله (1).
فلما سمع قيصر ذلك أغرى به ملك غسان الحارث بن أبي شمر فطلبه حتى أخذه فحبسه، فقال في محبسه ذلك:
طرقت سليمي موهنا أصحابي * والروم بين الباب والقروان (2) مد الخيال وساءه ما قد رأى * وهممت أن أغفى وقد أبكاني (3) لا تكحلن العين بعدي إثمدا * سلمى ولا تدنن للإتيان (4) ولقد علمت أبا كبيشة أنني * وسط الأعزة لا يحص لساني (5) فلئن هلكت لتفقدن أخاكم * ولئن بقيت لتعرفن مكاني ولقد جمعت أجل ما جمع الفتى * من جودة وشجاعة وبيان ثم أحضره الملك وقال له: ارجع من دين محمد ونحن نعيدك إلى ملكك قال:
لا أفارق دين محمد، فإنك تعلم أن عيسى بشر به، ولكنك تظن بملكك، فلما يئسوا منه وعلموا أنه لا يرجع إلى النصرانية أجمعوا على قتله وصلبه على ماء لهم يقال له: