الله بكشف العذاب عنهم، فلما أن زالت الشمس وفتحت أبواب السماء وسكن غضب الرب تعالى رحمهم الرحمان، فاستجاب دعاءهم، وقبل توبتهم، وأقالهم عثرتهم، وأوحى الله إلى إسرافيل أن اهبط إلى قوم يونس، فإنهم قد عجوا إلي بالبكاء والتضرع، وتابوا إلي واستغفروا لي فرحمتهم وتبت عليهم، وأنا الله التواب الرحيم أسرع إلى قبول توبة عبدي التائب من الذنوب، وقد كان عبدي يونس ورسولي سألني نزول العذاب على قومه، وقد أنزلته عليهم، وأنا الله أحق بمن وافى بعهده، وقد أنزلته عليهم، ولم يكن اشتراط يونس حين سألني أن أنزل عليهم العذاب أن أهلكهم، فاهبط إليهم فاصرف عنهم ما قد نزل بهم من عذابي.
فقال إسرافيل: يا رب إن عذابك قد بلغ أكتافهم وكاد أن يهلكهم وما أراه إلا وقد نزل بساحتهم فكيف أنزل أصرفه (1) فقال الله: كلا إني قد أمرت ملائكتي أن يصرفوه (2) ولا ينزلوه عليهم حتى يأتيهم أمري فيهم وعزيمتي، فاهبط يا أسرا فيل عليهم واصرفه عنهم، واصرف به إلى الجبال بناحية مفاوض العيون ومجاري السيول في الجبال العادية المستطيلة على الجبال، فأذلها به ولينها حتى تصير ملينة (3) حديدا جامدا، فهبط إسرافيل عليهم فنشر أجنحته فاستاق بها ذلك العذاب، حتى ضرب بها تلك الجبال التي أوحى الله إليه أن يصرفه إليها.
قال أبو جعفر (عليه السلام): وهي الجبال التي بناحية الموصل اليوم فصارت حديدا إلى يوم القيامة.
فلما رأى قوم يونس أن العذاب قد صرف عنهم هبطوا إلى منازلهم عن رؤوس الجبال، وضموا إليهم نساءهم وأولادهم وأموالهم، وحمدوا الله على ما