غير ذلك (1) يعني لو قيل:
" ولعله لو صح الحديث - يعني حديث النهي - قد قال ذلك لخصوص من كانوا يكتبون الوحي بين يديه (صلى الله عليه وآله) حرصا منه (صلى الله عليه وآله) على أن لا يختلط القرآن بتفسيراته وتأويلاته التي يذكرها (صلى الله عليه وآله) من وقت لآخر، إذ قد يوجب ذلك أن يشتبه الأمر على البعض أو حتى يحاول البعض أن يدخل بعض ذلك من عند نفسه، فنهوا أن يكتبوا ذلك في الصحائف التي كانوا يكتبون عليها القرآن دون ما إذا كتبوها في صحائف غير الصحائف التي كتبوا فيها القرآن " (2) لأمكن الاستشهاد له بما في حديث أبي سعيد: " كتاب مع كتاب الله أمحضوا كتاب الله وأخلصوه " لظهور كلمتي " أمحضوا وأخلصوا " في عدم كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة.
هذا ولكن يخالف هذا الاستشهاد ما في نفس الحديث " كتاب مع كتاب الله " - كما في حديث أبي سعيد وابن عباس وابن عمر - أو " كتاب غير كتاب الله " - كما في حديث أبي هريرة - لأن لها ظهورا في النهي عن كتاب سوى القرآن مع أن منع المانعين كان منعا عاما فلا يكون هذا التوجيه تبريرا لعملهم، ويخالف الاستشهاد أيضا ما في حديث أبي سعيد: " استأذنت النبي... أن أكتب الحديث " وليس هو من كتاب الوحي، وكذا ما في حديثه الآخر: " كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) الحديث " وكذا ما في حديث زيد بن ثابت: " أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه " وكذا ما في حديث أبي هريرة.