ويرد هذا الوجه: أن أدلة الترخيص عامة كقوله (صلى الله عليه وآله) " قيدوا العلم " و " قيدوا العلم بالكتاب " و " اكتبوا ولا حرج " و " العلم صيد والكتابة قيد، قيدوا رحمكم الله علومكم بالكتابة " و " ضالة المسلم العلم، كلما قيد حديثا طلب إليه آخر " بل يحتمل أن يكون النهي خاصا لأشخاص يحرفون الكلم عن مواضعه.
مع أن لازم هذا الوجه أن يكون الأصل الحرمة، ومن المعلوم أن الصحابة كانوا يكتبون إلى أن نهى عمر بن الخطاب، ولا يتحرجون من الكتابة، ولو كان الأصل الحرمة فبأي دليل حل بعد مضي قرن مع أن أحدا من المانعين لم يستند إلى ذلك.
الرابع: أن المنهي هو كتابة الحديث مع القرآن حتى لا يختلط (1).
وهذا الوجه أيضا كسابقه لا وجه له بعد عموم الإذن والنهي مع أن المانعين عمموا المنع لكل حديث، وحرقوا كل ما عثروا عليه من الحديث، وعللوا بأنه لا كتاب مع كتاب الله، وحسبنا كتاب الله.
وتقدم الكلام في التباس القرآن بالحديث وأنه غير ممكن وإلا لم يكن معجزا.
الخامس: أن يكون النهي في حق من وثق بحفظه، والإذن في حق من لا يثق بحفظه (2).
هذا تقييد للطائفتين من دون أي شاهد، ويرد عليه ما ورد على الوجه الثاني مع أن منع الخليفة مطلق شمل الكل كما لا يخفى، وأن الوثوق بالحفظ لا يقتضي التحريم.