السادس: نهى عن كتابة الحديث لكي لا تكثر أوامر التشريع، ولا تتسع أدلة الأحكام، وهو ما كان يتحاشاه (صلى الله عليه وآله) حتى كان يكره كثرة السؤال (1).
هذا بيان لحكمة النهي، وليس جمعا بين أدلة النهي والترخيص، مع أنه لا محصل له إلا أن يكون المراد أن الغرض من النهي هو عدم كثرة أدلة الانبساط المنقولة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) وبالنتيجة يرجع فيما لا نص فيه إلى مصادر الأمور، فيحكمون فيها بآرائهم وأهوائهم.
ونظيره في الإجمال ما نقله أبو رية عن رشيد رضا:
" لا يتخذ الحديث دينا عاما كالقرآن " (2). وهذا أيضا ليس حلا لمشكلة التعارض، بل هو تعليل للنهي مع إجماله وعدم وضوح المراد منه، ولعل مرادهم:
نهى عن كتابة الحديث مخافة أن يتخذ الحديث في مقابل القرآن كما قيل، أو يتخذ الحديث من الأدلة الفقهية مستقلا من غير أن يكون تفسيرا للقرآن بأن لا يكون للنبي حق التشريع بل له التفسير والتفصيل فقط. وعلى كل حال تكلمنا حوله فيما قدمنا من أن السنة حجة قطعية وأن له التشريع بقوله تعالى: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * على ما فسرناه من أن المراد أنه تعالى كما أوحي إليه القرآن بلفظه فكذلك أوحى إليه تبينيه وتأويله ليبين للناس ما نزل إليهم، وكذلك يوحي إليه الحرام والحلال والواجب والمندوب و.. من الأحكام أو يوحي إليه ما هو ملاك الحكم من المصالح والمفاسد (وليس ذلك اجتهادا منه (صلى الله عليه وآله)) فهو (صلى الله عليه وآله) يأمر وينهى، وكلها حكم الله البات الواقعي، وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
السابع: أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره والإذن في