جلس في مصلاه قليلا يسبح ويدعو، ثم التفت إليهم، فاختار عدة منهم، فبعثهم رسلا إلى الملوك والأمراء وقال لهم: انصحوا لله في عباده، فإنه من استرعى شيئا من أمور الناس، ثم لم ينصح لهم حرم الله عليه الجنة، انطلقوا ولا تصنعوا كما صنعت رسل عيسى بن مريم.
قالوا: وما صنعوا يا رسول الله؟
قال: دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه، فأما من كان مبعثه قريبا فرضي وسلم، ومن كان بعثه مبعثا بعيدا فكره وجهه وتثاقل، فشكى ذلك عيسى إلى الله، فأصبح المتثاقلون وكل واحد يتكلم بلغة الأمة التي بعث إليها ".
اتخاذه الخاتم:
لما أراد (صلى الله عليه وآله) أن يكتب الكتاب قيل: يا رسول الله إنهم لا يقرأون كتابا إلا إذا كان مختوما، فاتخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما خاتما من فضة نقشه ثلاثة أسطر " محمد رسول الله " وقيل: إن الأسطر الثلاثة تقرأ من أسفل فيبدأ به محمد ثم رسول ثم الله، فختم به الكتب صونا لها من التزوير إن كان الختم في آخر الكتاب، أو لئلا يطلع عليها أحد إن كان الختم عليها بعد الطي أو للتشريف فقط، والظاهر أنهم كانوا يطوون الكتب ويجعلون عليها شيئا رطبا كالطين ونحوه، فيختمون عليها، فلا يقرأ الا بعد فض الخاتم، وذلك لئلا يطلع على ما في الكتاب غير المكتوب إليه، ولا يزاد فيه ولا يحرف (1).