الفصل الرابع الغرائب الموجودة في كتبه (صلى الله عليه وآله) لا تضر أنه (صلى الله عليه وآله) يخاطب كل قوم من العرب بلغتهم الخاصة كتابته إلى الأعاجم بالعربية كان العرب حين ظهر الإسلام وصدع النبي (صلى الله عليه وآله) بالرسالة في أسنى مدارج الفصاحة، وأعلى طبقات البلاغة، يتنافسون في إنشاد الأشعار وإلقاء الخطب، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشرع الفصاحة، ومعدن البلاغة، رئيس الفصحاء، وإمام البلغاء، وكان أفصحهم لسانا، وأعذبهم منطقا، وأسدهم لفظا، وأبينهم لهجة، وأقومهم حجة، وأعرفهم بمعرفة الخطاب، وأهداهم إلى طرق الصواب، بتأييد إلهي، وعناية ربانية، ورعاية روحانية، حتى لقد قال له علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين سمعه يخاطب وفد بني نهد: يا رسول الله، نحن بنو أب واحد، ونحن نراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره، فقال: أدبني ربي، فأحسن تأديبي، وربيت في بني سعد (1).
كان يخاطب كل قوم بلسانهم على اختلاف لغاتهم، وتراكيب جملهم، فتراه يخاطب الحضري بكلام سهل عذب، يفهمه كل من له أدنى إلمام بلغة العرب، ويخاطب البدوي بكلام متوعر الألفاظ بحيث تمجه الأسماع، ويستغربه الحاضرون، ويحسبه السامع العربي أعجميا. قال دحلان (في السيرة هامش الحلبية 3: 83):