شئ آخر.
الرابع: الوجوب كما هو ظاهر الأمر على ما اشتهر عند العلماء في علم الأصول من أن عرف العقلاء أنهم يريدون من الأمر الوجوب، ولا يجوز لمن خالف الأمر التعلل باحتمال الاستحباب، ولا يمكن للمأمور الاعتذار باحتمال أن يكون الأمر للاستحباب، ولا يسمع منه إن اعتذر بذلك عند المولى، بل يرونه مستحقا للمؤاخذة والعقاب.
والأرجح هو الثالث أو الرابع، إذ من المعلوم الواضح البديهي وجوب حفظ الدين عقلا وشرعا، وله فردان: الأول: الحفظ عن ظهر القلب، وهو في معرض النسيان والسهو وغير قابل للبقاء بالنسبة إلى القرون والأعصار، والثاني: الكتابة، وهي مصونة عن هذه المخاطر أو أقل خطرا.
الكتابة في القرآن الكريم:
ولعل ذلك كله منه كله منه (صلى الله عليه وآله) استيحاء من القرآن الكريم، حيث عظم القلم حتى أقسم به وقال: * (ن والقلم وما يسطرون) * (1) أقسم بالقلم، لما فيه من المنافع والفوائد ما ليس في البيان باللسان، فإن التفاهم بالنطق والكلام إنما يكون بين الحاضرين، وأما بينهم وبين الغائبين فإنما يكون بالقلم، وقال الطبرسي في المجمع:
" والقلم الذي يكتب به أقسم الله به لمنافع الخلق فيه، إذ هو أحد لساني الإنسان يؤدي عنه ما في جنانه، ويبلغ البعيد عنه ما يبلغ القريب بلسانه، وبه يحفظ أحكام الدين وبه تستقيم أمور العالمين " (2).
كما أنه عظم ما يسطره القلم حتى أقسم به، وقال سبحانه وتعالى في بيانه