سندا عند الأمور الدينية والدنيوية.
ولعله يومئ إلى ذلك ما ذكره الله عز وجل في كتابه الكريم من كتابة أعمال الناس، وأنه يؤتي كتاب كل إنسان بيمينه أو شماله، ولم يكتف سبحانه في الاحتجاج على الناس بعلمه وبحضور ملائكته، وشهادة أنبيائه (عليهم السلام)، بل أكد في آيات كثيرة بأن أعمالهم تكتب، ويؤتون يوم القيامة فيقرأون ويقولون: هاؤم اقرأوا كتابيه أو يا ليتني لم أوت كتابيه.
كتابة الحديث عند العقل:
هذا كله فيما عثرنا عليه من الأحاديث المنقولة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين، واستفدنا منها، إما الوجوب أو الإرشاد إلى ما يحكم به العقل السليم.
والعقل بعد ما علم وجوب طاعة الله والعمل بأحكام الله يرى وجوب حفظها وإبقائها وإبلاغها كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته المتواترة الخالدة: " نضر الله وجه عبد سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها إلى من لم يبلغها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه... " (1).
ولا شك أن الكتابة أدق وأقوم وأوفى وأبعد من الريب ولا سيما في جزئيات الأمور، وأنها أوثق وسيلة لحفظ العلوم وصونها عن الزوال، وأنها تمثل تراثا ثمينا ووثائق قيمة تساعد كثيرا على دراسات كثير من الحالات والظواهر التي قد لا تجد من يعبر عنها في الظروف العادية لولا الكتابة، وأنها تحفظ أخبار الماضين والحوادث والعلوم المادية والدينية إلى الغائبين والآتين، وتحفظ الأحاديث عن التحريف والسهو والنسيان، كما أن الكتابة تمثل لنا التأريخ والحضارة في الأقوام