العلماء على دماء الشهداء " أيضا يمكن أن يقال: إن كليهما سبب لبقاء الدين، ورجح مداد العلماء، لكونه علة البقاء حتى أن إيمان الذين يجيئون بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) يكون بسبب مداد العلماء حتى يكونوا أفضل من الصحابة كما في الحديث: " أتدرون أي الإيمان أفضل؟... قلنا فمن هم يا رسول الله؟ قال: أقوام يأتون من بعدي في أصلاب الرجال فيؤمنون بي ولم يروني ويجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا " وفي لفظ " أعجب الناس إيمانا، وأعظمهم يقينا " لأنهم آمنوا بسواد على بياض.
فقه الأحاديث:
هذه الأوامر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كقوله (صلى الله عليه وآله): " قيدوا العلم بالكتاب " أو " اكتبوا العلم قبل ذهاب العلماء " أو " اكتبوا ولاحرج " أو " اكتبوا هذا العلم، فإنكم تنتفعون به " أو " استعن بيمينك " أو " اكتب ما أملي عليك " أو... يحتمل في المراد منها وجوه:
الأول: الاستحباب، فيكون المراد كون كتابة الحديث مندوبا إليها ومطلوبة لله تعالى ومستحبة، فإذا دار الأمر بين حفظ الأحاديث عن ظهر القلب وبين الكتابة كانت الكتابة أرجح فردي الواجب، لأن حفظ الدين واجب، وتردد الأمر بين فردي الواجب والكتابة أفضل، لكونها أبقى وأحكم وأتقن.
الثاني: المطلوبية والرجحان الجامع بين الوجوب والاستحباب، فتكون واجبة تارة ومستحبة أخرى على اختلاف الموارد والأشخاص.
الثالث: الإرشاد إلى ما يحكم به العقل من لزوم حفظ الدين من الضياع، فتارة تكون واجبة إذا كانت الكتابة في الواجبات والمحرمات، ومستحبة إذا كانت في المستحبات، فهذه الأوامر تشير إلى ما يحكم به العقل السليم، وليس وراء ذلك