ويرد عليه أنه إذا كان رخص فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد النهي فأي تردد وقع فيه الخليفة أو أي عزم عزم الله له ولأبي بكر في إحراق الأحاديث وصحائف الصحابة رضي الله عنهم وتحريم الكتابة حتى منتصف القرن الثاني.
الثاني: أنه من منسوخ السنة بالسنة يعني أنه (صلى الله عليه وآله) رخص في كتابة الحديث أولا ثم رأى بعد ذلك أن يمنع عنها، فنهى أن يكتب الحديث (1) ويدل على ذلك أمران: استدلال من روى عنهم من الصحابة الامتناع عن الكتابة ومنعها بالنهي عنها وعدم تدوين الصحابة الحديث ونشره، ولو دونوا ونشروا لتوافر ما دونوه.
ويرده أنا لم نجد من الخليفة وأبي سعيد وابن مسعود استدلالا بحديث النهي، وأنه لو كان النهي متأخرا والرخصة منسوخة فلم تردد الخليفة بعد نهي النبي (صلى الله عليه وآله) وشاور الصحابة رضي الله عنهم وهم أشاروا بالكتابة مع نهي النبي (صلى الله عليه وآله) كما زعموا، ثم عزم الله للخليفة؟ ولماذا كتب الصحابة حتى كثرت الكتب قبل نهي عمر؟
الثالث: أن النهي عام لجميع المسلمين وخص بالسماح بالإذن من كان قارئا كاتبا مجيدا لا يخطئ في كتابته ولا يخشى عليه الغلط كعبد الله بن عمرو الذي أمن عليه كل هذا فأذن له (2).
أو يقال: إن النهي عام - يعني لا تتخذوا الحديث دينا عاما كالقرآن - وما أمر بكتابته لأبي شاة هو خطبة خطبها (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة موضوعها تحريم مكة لقطة الحرم، وهذا من بيانه (صلى الله عليه وآله) للقرآن الذي صرح به في حجة الوداع وأمر بتبليغه، فهو خاص مستثنى من النهي العام (3).