الفصل الثالث بلاغته (صلى الله عليه وآله) في كتبه تجنبه (صلى الله عليه وآله) عن الإسهاب الممل تجنبه (صلى الله عليه وآله) عن الإيجاز المخل كان اللسان العربي في الجاهلية، وفي صدر الإسلام صحيحا محروسا، لا يتداخله الخلل، ولا يتطرق إليه الزلل، وكان العربي وقتئذ، عربي اللسان، عربي الأسلوب، (في تراكيب ألفاظه، وتنسيق جمله) عربيا قحا في كلامه، ومنطقه، وخطبه، وأشعاره، وكتبه، إذ لم يستأنسوا بالأعاجم من الروم والفرس، ولم يختلطوا بغيرهم حتى يتغير أسلوبهم، في شؤون كلامهم، وخطبهم، وكتبهم كما تغير بعد ذلك في آخر الدولة الأموية والعباسية (1)، فصار لسانهم العربي القح ممزوجا بلسان الفرس والروم، وكذا أسلوبهم، في الكتابة وغيرها.
وكانت العرب وقتئذ يرون الايجاز وحذف الفضول في الكلام من البلاغة، بل من أعلى طبقاتها، ويمدحون بلاغة الرجل بحسن الايجاز، وترك الاسهاب، ويرون التطويل عيا، ومخلا بالبلاغة إلا إذا اقتضته الحاجة، فانظر إلى خطب قس بن ساعدة الأيادي، وأبي طالب بن عبد المطلب، وكلمات أكثم بن صيفي وغيرهم،