وما بعدها.
بحث وتحقيق:
الذين قالوا بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان لا يكتب استدلوا بأمرين:
الأمر الأول: قوله تعالى: * (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) * (1).
يقول تعالى ذكره: * (وما كنت) * يا محمد * (تتلو) * يعني تقرأ * (من قبله) * يعني من قبل هذا الكتاب الذي أنزلته إليك * (من كتاب ولا تخطه بيمينك) * يقول: ولم تكن تكتب بيمينك، ولكنك كنت أميا * (إذا لارتاب المبطلون) * يقول: ولو كنت من قبل أن يوحى إليك تقرأ الكتاب أو تخطه بيمينك * (إذا لارتاب المبطلون) * يقول:
إذا لشك بسبب ذلك في أمرك وما جئتهم به من عند ربك من هذا الكتاب الذي تتلوه عليهم * (المبطلون) * القائلون إنه سجع وكهانة وأنه أساطير الأولين (2).
هذا ما قاله الطبري في تفسيره، ثم نقل ذلك عن ابن عباس ومجاهد ونقل السيوطي ذلك عنهما وعن قتادة وابن مسعود.
ووجه ارتياب المبطلون إما ما ذكره المفسرون من أن في الكتب السماوية ذكر في وصف النبي (صلى الله عليه وآله) أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، فإذا كان يكتب لصار سببا لريبهم، أو لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لو كان قارئا وكاتبا لقالوا إنه تملى عليه بكرة وعشيا وإنه قرأ كتب