والذي أظن أنه لما حرق الخليفة الأول والثاني الأحاديث، ومنعوا كتابة الحديث لعلة واقعية مكتومة - وسوف توافيك إن شاء الله تعالى - بل منعوا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبلغوا غايتهم وحصلوا من ذلك مقاصدهم رأى علماء مدرستهم أن ذلك كان قبيحا مفضوحا لا يخفى قبحه على أحد كما يعلم من ملاحظة كلامهم في فضل كتابة الحديث والعلوم، راموا توجيه هذا العمل بعلل ومعاذير كما تقدم ومنها أنهم افتعلوا أحاديث نسبوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما هو دأبهم في توجيه بدع الخلفاء (1).
والذي يشعر بذلك هو التشابه الموجود والمسانخة بين العلة المنقولة عن الخليفة الثاني والمنقول في هذه الأحاديث " كتاب مع كتاب الله " و " أتدرون ما ضل الأمم قبلكم " فإن هاتين الجملتين هي بعينها ما نسب إلى الخليفة في عزمه على المنع، وما قاله يوم رزية يوم الخميس: " حسبنا كتاب الله " فيوحي ذلك إلى أن الحديث أو الأحاديث صنع بعد نهي الخليفة وتعليله على وفق ما عمل وقال (2) ولكنه قال ذلك ردا على النبي (صلى الله عليه وآله) ومحوا ومحقا للسنة الشريفة، واجترأ أتباع المدرسة فنسبوا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) دفاعا عن الخليفة وسترا على الحقيقة