وفي نص الدارمي: " عن يحيى بن جعدة قال: أتي النبي (صلى الله عليه وسلم) بكتف فيه كتاب فقال: كفى بقوم ضلالا أن يرغبوا عما جاء نبيهم إلى ما جاء نبي غير نبيهم أو كتاب غيرهم ".
وفي المطالب العالية عن عمر: " انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب، ثم جئت به في أديم فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما هذا في يدك يا عمر؟ قال: قلت: يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا، قال: فغضب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى احمرت عيناه، ثم نودي بالصلاة جامعة، فقالت الأنصار: أغضبتم نبيكم؟! السلاح السلاح، فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: لقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون ".
اختلاف الحديث في معناه وألفاظه يفيد: أن القصة صدرت منه غير مرة كما لا يخفى على المتدبر.
ولا غرو من الخليفة في إكباره أهل الكتاب وعلومهم وهو في محضر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد وقع منه نظائرها، وسيأتي ما صدر منه في الحديبية.
وعلى كل حال يحتمل جدا أن يكون الخليفة أخذ منهج الحفظ وتحريم الكتاب من كعب الأحبار ووهب بن منبه وعلل عمله به.
وبالجملة شبه ما كتبه الصحابة من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما كتبه علماء اليهود والنصارى من عند أنفسهم من الأباطيل والتحريفات، ولا أدري ماذا أراد من هذا التشبيه هل أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أباطيل (والعياذ بالله تعالى) أو أن الصحابة كتبوا أكاذيب ونسبوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟.
وتارة أخرى علله بقوله:
" أمنية كأمنية أهل الكتاب ".