ورجع المسلمون بين فرح راض ممن كان له نظر ثاقب ورأي رزين سيما بعد نزول قوله تعالى: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الصلح " أعظم فتح " أو قوله في جواب السائل: أو فتح هذا؟ " إي والذي نفسي بيده ".
وبين مغتم كاظم لغيظه لا يرى خلاف الرسول (صلى الله عليه وآله) خوفا أو طمعا أو لا يقدر عليه.
فرأى فسحة لنشر الدين ومجالا لتبليغ الرسالة إلى الناس كافة من العرب والعجم والأبيض والأسود، ليتم الحجة ويكمل رحمة الله على الناس كلهم.
فعندئذ كتب إلى الملوك من العرب والعجم ورؤساء القبائل والأساقفة والمرازبة والعمال وغيرهم يدعوهم إلى الله تعالى وإلى الإسلام، فبدأ بإمبراطوري الروم وفارس وملكي الحبشة والقبط، ثم بغيرهم، فكتب في يوم واحد ستة كتب وأرسلها مع ستة رسل.
قال ابن سعد في الطبقات 1: 258 وفي ط ليدن 1 / ق 2: 15: " فكتب إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام، فخرج في يوم واحد منهم ستة نفر وذلك في المحرم سنة سبع، وأصبح كل رجل يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم ".
تاريخ كتب الدعوة وبعث الرسل:
اختلف المؤرخون اختلافا شديدا في أن كتابته (صلى الله عليه وآله) إلى الملوك وغيرهم وبعثه (صلى الله عليه وآله) رسله كان في سنة ست من الهجرة في ذي القعدة أو ذي الحجة أو في سنة سبع أو كان ذلك بين الحديبية وبين وفاته (صلى الله عليه وآله).
قال الطبري 2: 288 وفي طبعة أخرى: 644 وابن الأثير في الكامل 2: 80 وفي طبعة أخرى: 210 أنه كان في السنة السادسة، وراجع الجامع للقيرواني: 287