كتابة الحديث في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) عند الصحابة:
إلى هنا تم ذكر ما عثرنا عليه من الأحاديث والآثار الواردة في كتابة الحديث، وأما عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما عزم عليه وأقدم في حفظ السنن النبوية، بل في حفظ الكتاب، فالذي عثرنا عليه هو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل جمعا من الصحابة كاتبا للوحي، وكلما نزلت سورة أو آية أمر الكاتب فيكتبها كما تقدم في الفصل السادس، فكذلك أنه (صلى الله عليه وآله) أمر الصحابة بكتابة السنة، ورغبهم وشوقهم إلى ذلك، فكانوا يجلسون حوله (صلى الله عليه وآله) ويكتبون الأحاديث، حتى أن جمعا من أصحاب الصفة قاموا بذلك وليس لهم شغل وعمل سواه، ويدل مع ذلك الآثار والمصادر القيمة، وإليك ما عثرنا عليه:
1 - " كان الراتبون بالصفة نحو أربعمائة رجل منهم أبو هريرة وابن أم مكتوم وصهيب وسلمان وخباب وبلال والمؤمنون به (عليه السلام) منهم من قام بالجهاد، ومنهم من قام بالزراعة، ومنهم من قام بتقييد العلم، ومنهم قام بالقراءة، ومنهم من ركن للعبادة " (1).
2 - روى عبد الله بن عمر (في تقييد العلم: عبد الله بن عمرو) قال: " كان عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أناس من الصحابة وأنا معهم وأنا أصغر القوم، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، فلما خرج القوم قلت لهم: كيف تحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد سمعتم ما قال وأنتم تنهمكون في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فضحكوا وقالوا: يا ابن أختنا (أخينا - خ) إن كل ما سمعناه هو عندنا في كتاب " (2).